اشتهار على نحو غريب:
أنا مِنْ حَجَرٍ، بل أنا حجرٌ لقبر نفسي، لا منفذ فيه للشك أو للإيمان، للحب أو للنفور، للشجاعة أو للقلق، على وجه التخصيص أو وجه التعميم: كلا، بل ثَمَّ (هناك) أمل واحد غامض يحيا، لكنه من نوع شواهد القبور.
للشاعر فانزكافكا.
مات هذا الألماني المسلول الشريد في دنيا اللامعقول، قس مصحٍّ لا يكاد يعرفه فيه أحدٌ، عن عمر إحدى وأربعين سنة، بعد أن رفض رئيسه في العمل أن يمددّ إجازته وهو يُحتضر.
وكان قد عاش حياةً عنى فيها من :تسلط الأب، ومرارة الوحدة،وظلام الفطرة، وخواء الروح، وويلات الأرق، وآلام العبث، وشقاء الأسئلة،وبؤس الإجابات،وقسوة الإلحاد،ويُبس العدم، وحدّة الاغتراب الوجودي ما عاناه...
ثم إن العالم تنبه له بسبب صديق له سعى في نشر أدبه يُدعى –ماكس برود-،فما كُتب في القرن العشرين عن كاتب بعد ذلك ما كُتب عنه: أزيد من ستة عشر ألفاً ما بين مقالة وبحث وكتاب في كثير من اللغات، منها ألفا رسالة دكتوراه! حتى إنه كُتبت مقالات في تحليل فرقة شعر رأسه التي ظهر بها في بعض الصور.
ثم هنالك المهرجانات والمئويات ولندوات وطوابع البريد...
وتَقَصٍّ لكل مكان عاش فيه أو مرًّ به أو ذكره في كتاب منكتبه، وتتبُّعٌ لكل من عرفه أو حادثه أو رآه...حتى كتبت عته امرأة كانت تلقاه في المصعد مصادفةً عدة مقالات.
وتنازعته ثلاث دول: ألمانيا والنمسا والتشيك.
وبيعت مخطوطةٌ لكتاب من كتبه بخطه في مزاد عالمي بما يعدل سبعة ملايين ريال، ابتاعتها حكومة ألمانيا وكانت رصدت لها أضعاف هذا المبلغ.
وقارئ أشعاره وكتابته يشعر بالحزن العميق والألم الدفين والمشاعر المضطربة.
وكما قال الشاعر جبران خليل جبران:
لم أتمن مرة**هذي الأماني الكبر
ولم أبال كتابا**لي انطوى أو انتشر
ولم أبال اسمي إن **لم يشتهر أو اشتهر
وكقول محمود سامي البارودي:
وَمَا ضَرَّنِي أَنِّي تَأَخَّرْتُ عَنْهُمُ ** وَفَضلِى َ بينَ العالمينَ شَهيرُ
فَيَا رُبَّمَا أَخْلَى مِنَ السَّبْقِ أَوَّلٌ ** وَبَذَّ الجِيادَ السابِقاتِ أَخيرُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق