يتأدب على اللؤم:
في الحياة هناك صاحب يحسد صاحبه على ما فيه من علم وأدب وخلق وموهبة، وكذلك القريب بالنسبة لقريب يملك هذه الخصال.
وقد رأيت رجالا كبارا يحسدون شبابا على علمهم وأدبهم وموهبتهم، سواء كانت عملية أو علمية، منَّ الله بها عليه، فيزداد هذا علو وارتفاعا، ويزداد ذاك سفولا وانخفاضا.
ومن هؤلاء مَن يُعطى موهبة الشعر والكتابة الحسنة العذبة، فيأتي صاحبه أو قريبه أو غيره ليحط من قدره ويحطم من عزمه ويشوه من فعله، فتراه أبدا ينظر لمواطن العيب والزلل، ومآخذ الخطأ ليس بدافع النصيحة وإن أظهر ذلك بل بدافع من نار الحقد المستعرة في النفس ودخان الحسد الذي غَشّى عينه عن رؤية النور والصواب.
وفي هذا قال أحدهم:
يوم كنتُ أتأدب قلتُ على معانيهم:
البيدر احترق
وقلبي الرغيف
وهذا جوع أحزاني.
وكان لي عدو من الأصدقاء كان مثلي يتأدب لكن على شيء من اللؤم فهو لا يكاد يُسَلِّم لي بموهبة.
فتحينت منه غِرَّةً يوما فقلتُ له في أثناء الكلام:
ما أروع ما قال شكسبير: أجملُ ما في اللوحة، الإنسانُ الذي يتأمّلها.
فسكت ولم يقل شيئا، فقلت له : ارفق بنفسك، فوالله ما عرفها شكسبير وإنما الكلمة لي.
فتغير وجهه، وانتفخت أوداجه ثم قال: الحقّ أن الكلمة ليست بذاك ولا قيمة لها ولا معنى.!!!. ومضى ينتقدها...!!!
وفي هذا المعنى يقول الأحوص:
ومولى سخيفِ الرَّأيِ رخوٍ تزيدهُ ** أَنَاتِي وَعْفِوي جَهْلَهُ عِنْدَهُ ذَمَّا دملتُ ، ولولا غيرهُ لأصبتهُ ** بِشَنْعَاءَ بَاقٍ عَارُهَا تَقِرُ العَظْمَا
وَكَانَتْ عُرُوقُ السُّوءِ أَزْرَتْ وَقَصَّرَتْ ** بِهِ أَنْ يَنَالَ الحَمْدَ فَ لتَمَسَ الذَّمَّا
طَوَى حَسَداً ضِغْناً عَلَيَّ كَأَنَّمَا ** أداوي بهِ في كلِّ مجمعةٍ كلما
ويجهلُ أحياناً فلا يستخفُّني ** وَلاَ أجْهَلُ العُتْبَى إِذَا رَاجَعَ الحِلْمَا
يَصُدُّ وَيَنْأَى فِي الرَّخَاءِ بِوُدِّهِ ، ** وَيَدْنُو وَيَدْعُونِي إِذَا خَشِيَ الهَضْمَا
فَيُفْرِجُ عَنْهُ إِرْبَةَ الخصْمِ مَشْهَدِي ** وَأَدْفَعُ عَنْهُ عِنْدَ عَثْرَتِهِ الظُّلْمَا
وأمنعهُ إنْ جرَّ يوماً جريرةً ** ويسلمني إنْ جرَّ جارمي الجرما
وَكُنْتُ مْرَأً عَوْدَ الفَعَالِ تَهُزُّنِي ** مَآثِرُ مَجْدٍ تَالِدٍ لَمْ يَكُنْ زَعْمَا
وكنتُ وشتمي في أرومةِ مالكٍ ** بِسَبِّي بِهِ كالْكَلْبِ إِذْ يَنْبَحُ النَّجْمَا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق