السبت، 16 نوفمبر 2013

سر وحكمة إفراد اليمين وجمع الشمال

سر وحكمة إفراد اليمين وجمع الشمال:
لا شيء أعمق تأثيرا من قراءة المسلم للقرآن الكريم قراءة واعية بتدبر عقل وتفكر وتبصر، فإنه أجمع للقلب وأهدأ للنفس وأوعى للتفكير وأفضل للتأثير في مجامع القلب ونواحي الروح وشتيت النفس.
كم نحن بحاجة لقراءة القرآن قراءة تنمي الإيمان في القلوب، وتزيده حباً بالله وبالإسلام وبالرسول عليه الصلاة والسلام، إذ حن في زمن لا زال أعداء الإسلام يرمونه بسهام حقدهم ورماح كراهيتهم ورصاص بغضهم وقذائف حنقهم، ويعاونهم في ذلك العلمانيون الذين أصبحوا دمى بأيدي أعداء الإسلام يتحركون وفق مطالبهم القاضية بتدمير الإسلام وتدمير شريعته.
كم نحن بحاجة لقراءة القرآن قراءة تزيد في القلب حب الله حبا يفوق ويفضل كل اللذائذ والشهوات الشخصية.
إن التدبر في القرآن مطلب مهم للمسلم فهو سدّ منيع ضد وسوسات شياطين الإنس، وربيع في القلب مزهر مقابل صحراء الهجر والقطيعة.
فإذا تصفحنا القرآن  فإنا نجد أنه أفرد اليمين وجمع الشمال، في قوله سبحانه وتعالى:
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ اليَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّداً لِّلَّه وهُمْ داخِرُون).
لما كانت اليمين جهة الخير والصلاح وأهلها ناجون، أُفرِدَت.
ولما كانت الشمال جهة الباطل جُمِعَت.
وقد يكون اليمين بمعنى الجمع؛ لأن الألف واللام فيه للجنس، فقام العموم مقام الجمع.
واليمين يُجمَع على أيمُن، وأيمَان، وهما من أبنية جموع القلة.
والشمال يُجمَع على شمائل وهو جمع كثرة، فجاء بالأف واللام في اليمين الدالة على قصد التكثير واستغنى بها عن جمع اليمين.
وإفراد اليمين وجمع الشمائل جائز في العربية كما قاله الفراء.
وقد يكون السبب في إفراد اليمين وجمع الشمائل أن قوله(من شيء) في الآية نفسها مفرد، وقد أفاد معنى العموم:أي: كل شيء.
ولذا قال:يتفيأ ظلاله بالجمع، لأن الإنسان لا يتفيأ ظِلّ شيء واحد بل ظِلّ أشياء متعددة.
ولكي يناسب المفرد وهو(شيء) أتى بـ(اليمين) مفردا.
وليناسب الجمع في (ظلاله) أتى بـ (الشمائل) جمعاً.
والله أعلم.

فيا لروعة القرآن وما فيه من التفاتات تزيد في قلب قارئه المتنبه لها إيمانا وتشعله حبا بالقرآن وتجعله دائم الرجوع إليه والقراءة له والاستماع.

قال الشاعر:
هذا كلام الواحد الخلاقِ *** في دفتيه مكارم الأخلاقِ
هذا كتاب الله دستورُ الورى **** وبه رقيُّ الناس والأعراقِ
هذا كتاب الله نورٌ ساطعٌ *** متلألئ كالكوكب البرّاقِ
هذا كتاب الله فجرٌ مسفرٌ **** من بعد ليلٍ كالحِ الآفاقِ
هذا كتاب الله مصدرُ عزنا *** وبه سنشرق أروعَ الإشراقِ

المصادر:
- معاني القرآن للفراء 2/102.
- كشف المعاني ص 227.
- البرهان في علوم القرآن للزركشي 4/12.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق