الأحد، 19 يناير 2014

التوازن الروحي والمادي وأهميته


التوازن الروحي والمادي وأهميته:

إن الناس في عصرنا هذا كثيرا ما تصيبهم الحيرةُ والشك والقلقُ وهم يَرون أن الفتوحات العلمية الطاغية والاختيارات الماديةَ المتاحةَ لا تكفي وحدَها لمواجهة صعوبات الحياة اليومية والتغلب عليها لكسْب الطمأنينة النفسية، بل لا بدَّ مع ذلك من الاهتمام الرشيد بتنمية القيم الخلقية المثلى وترسيخها  من أجل إِحداثِ التوازن الروحي والمادي الذي لا تكتمل سعادة الإنسان إلا به .
وقد وهبَ الخالقُ الإنسانَ العقلَ والمشاعرَ لا لتنمية معارفه العلمية ومهاراته المعاشية فحسْب، بل لتقويم سلوكه وتحسين أخلاقه بصورة تُتيح لكل فرد نصيبَه من الطمأنينة والعدل والحرية والكرامة، وهي قيمٌ ومزايا يفتقر إليها الجم الغفير من بني البشر في عصرنا هذا، فلا يكادون يجدون السبيلَ القويم للوصول إليها والاستمتاع بخيراتها.
ولا شك في أن هذا التوازن الذي أشرنا إليه هو الحدُّ المشترك بين جميع العصور والأجيال، بل هو مطلبُ الإنسانية الدائم وضالتُها المنشودة في كلّ زمان ومكان.
ومن هنا تبدو أهمية التوازن في وقت تتحسَّسُ الشعوب العربية والإسلامية موقعها من التقدم الإنساني المذهل في جميع ميادين العلم والفكر والحضارة ، ويُريدُ مُفكروها وعلمائها انتهاج السُّبل المؤدية إلى المشاركة الرشيدة والفعالة في هذا التقدم من غير أن تفقد روحَها ومقوماتها الأساسية.
ومن أهم الأسباب التي أدّت إلى تعثر النهضة في البلاد العربية والإسلامية هو عدم وجود التوازن الروحي والمادي في بناء الإنسان والعمران، لقيام الناهضين بمحاربة الروح ومتطلباتها وإقصاء الدين والسخرية به ومحاربة الشريعة ومقارعتها.
وفي الطرف الآخر قيام الناهضين من المتحمسين للدين على اتباع نهج الاقصاء والتضليل والتكفير والتفسيق والتحريم لما أحله الله .
فكان كلا الطرفين في موضع خاطئ وموقف غير سليم، مما أدى بمسيرة التقدم إلى التعثر والرجوع للوراء .
إن عدم وجود التوازن أدّى لما نحن عليه من آلام ومواجع وتحمل عواقب هذا التفكير الخاطئ بعدم التوازن المادي والروحي وسياسة الإقصاء والتهميش والتخوين والاستبداد.
ويكمن الحل في مراجعة المواقف والسياسات القائمة على إقصاء الآخر وإهانته وظلمه، والقائمة على النظر للأمور بمنظار واحد على زاوية واحدة بعين واحدة دون الاهتمام بالصورة الكبيرة ككل وكأجزاء مترابطة متراصة متسقة.
هذه المراجعة تحتم على القائمين والرائدين في مسيرة الأمة وتقدمها تحتم عليهم العمل على قيام التوازن المادي والروحي للنهضة العربية والإسلامية ومسيرتها الجماعية والفردية في الإبداع والابتكار والاختراع.

والله تعالى يقول:
(وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا)
(ربنا آتنا في الدنيا حسنة،وفي الآخرة حسنة )
وقال الإمام علي رضي الله عنه وعليه السلام وكرَّم الله وجهه:
[اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً].
وما أجمل قول الشاعر المتنبي :
ووضعُ النَّدى في مَوضِعِ السَّيفِ مُضِرٌّ ***بالعُلا كَوَضْع السِّيفِ فِي موضِعِ النّدَى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق