الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة:
يا قوم ما أنا بالمبالغ ههنا ** أبدا ففضل محمد لا يحصر
من غير الممكن لقارئ القرآن ألا ينتبه إلى آيات كريمة تتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتتكلم عنه.
تشير له مرة، ومرة أخرى تنادي عليه، وتارة تذكر فضله، وأخرى تبين قدره، وثالثة تنبه لأخلاقه ورابعة تذكر وقائعه وحياته، ورابعة تقسم بعمره.
إن هذا الزخم الكبير في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم يوضح فضل هذا النبي ورفعة مكانته وسمو شأنه وعلو مقامه.
وفي هذا إشارة إلى تعظيم النبي وتقديره، ومحبته والدفاع عنه، والسير على نهجه واقتفاء أثره.
بلاد أعزتها سيوف محمد ** فما عذرها أن لا تعز محمدا
يتحدث القرآن الكريم عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، في كثير من سوره فيقول:
(يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً.وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا).
ويقول: (مَن يطع الرسول فقد أطاع الله ومَن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا).
ويقول: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم).
ومن أجل هذه الصلة الإلهية برسول الله صلى الله عليه وسلم، أرشدنا الله إلى اتخاذ الرسول أسوة وقدوة، فقال عز وجل: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمَن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا).
بل أمرنا أن نأخذ ما آتانا ونعمل بما أمرنا ووصانا، وأن ننتهي عما نهانا عنه، وهددنا إذا لم نلتزم ذلك بالعذاب الشديد والعقاب الأليم، فقال سبحانه : ( وما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا، واتقوا الله،إن الله شديد العقاب).
فعهدنا اليوم مع عهد الرسول غدا ** الفرق بينهما كالفحم والدرر
أما السر في ذلك فهو:
1- أن الرسول عليه الصلاة والسلام،لا ينطق عن الهوى ولا ينحرف عن الصراط المستقيم، ولقد أقسم الله على ذلك فقال: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
ومن هذا المنطلق فكلام رسول الله تشريع لأمته، وتبيان لها في الحلال لاتباعه وفي الحرام للابتعاد عنه، وتذكرة للغافل وإيقاظ للنائم وارشد للتائه والضال، فلا ينبغي التحقير من شأنه ولا التقليل من قدره ؛لأنه لا ينطق عن هوى النفس ولا مصالح شخصية ولا غايات دنيوية، فهو تشريع وتوضيح وتعليم، ينبغي على المسلم الصادق الآخذ به والعمل بمضمونه والدفاع عنه ضد من يشوه حقائقه ويستهزئ بتعاليمه ويسخر من إرشاداته.
إنَّ الرسولَ لسيفٌ يستضاءُ به ... مهندٌ من سيوفِ اللهِ مسلولُ
2- كان رسول الله ليه الصلاة والسلام في جميع أحواله حركة وسكونا، إشارة ونطقا، صمتا وكلاما، قلبا وقالبا، يمثل القرآن الكريم، مُطَبِقٌ له، عاملٌ به، قائمٌ بأمر القرآن، مبتعد عن مناهي القرآن، يعمل بوصايا القرآن، ويسير على إرشاداته، ويتخلق بأخلاقه، ويتصف بصفاته، فكان قرآنا يمشي على الأرض، ينشر أنواره فيزيل الظلمات، ويعمر الأرض مما أصابها من الخراب، ويزيل الأثقال من الذنوب والمعاصي والخطايا بتعالميه الهادية وأوامره الراشدة، ويُغذي العقل بمعارفه المتنوعة، ويرفد الفكر بعلومه المختلفة، ويربي النفوس ويزكيها، ويطهر القلوب ويصفيها، و يهذب الأخلاق وينقيها.
ولقد وصفته السيدة عائشة رضي الله عنها وصفا دقيقا، لما سُئلت عن خُلُه فقال: كان خُلُقُه القرآن.
ومَن كان خُلُقُه القرآن، كان أسوة وكان قدوة وكان على خُلُقٍ عظيم وشريف وكريم، وقد استحق كل ذلك بثناء الله عز وجل عليه ومدحه إياه لما قال مُقسماً ومؤكداً (وإنك لعلى خلق عظيم).
والواجب على المسلم أن يتعرف على سيرة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ويتعلم منها الفوائد والعبر ، ويطبقها في حياته، ويعرف الواقع الذي يعيشه والناس حوله، ويؤدي رسالة الإسلام للجميع، بأن يكون قدوة حسنة للآخرين بالعلم والأخلاق الفاضلة والصفات الحسنة، والتعامل الراقي مع الآخرين، ويجعل من رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قدوة له وأسوة ففي ذلك الفوز في الآخرة والنجاة في البرزخ والتوفيق في الدنيا.
مُحَمَّدٌ خاتَمُ الرُسلِ الَّذي خَضَعَت ... لَهُ البَرِيَّةُ مِن عُربٍ وَمِن عَجَمِ
سَميرُ وَحيٍ وَمَجنى حِكمَةٍ وَنَدى ... سَماحَةٍ وَقِرى عافٍ وَرِيُّ ظَمِ
قَد أَبلَغَ الوَحيُ عَنهُ قَبلَ بِعثَتِهِ ... مَسامِعَ الرُسلِ قَولاً غَيرَ مُنكَتِمِ
فَذاكَ دَعوَةُ إِبراهيمَ خالِقَهُ ... وَسِرُّ ما قالَهُ عِيسى مِنَ القِدَمِ
بِأَنَّهُ خاتَمُ الرُّسلِ الكِرامِ وَمَن ... بِهِ تَزُولُ صُرُوفُ البُؤسِ وَالنِّقَمِ
هَذا وَكَم آيَةٍ سارَت لَهُ فَمَحَت ... بِنُورِها ظُلمَةَ الأَهوالِ وَالقُحَمِ
ما مَرَّ يَومٌ لَهُ إِلا وَقَلَّدَهُ ... صَنائِعاً لَم تَزَل فِي الدَّهرِ كَالعَلَمِ
حَتّى اسْتَتَمَّ وَلا نُقصانَ يَلحَقُهُ ... خَمساً وَعِشرِينَ سِنُّ البارِعِ الفَهِمِ
وَلَقَّبَتهُ قُرَيشٌ بِالأَمينِ عَلى ... صِدقِ الأَمانَةِ وَالإِيفاءِ بِالذِّمَمِ
المصادر:
- سيرة ابن هشام.
- الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لعبد الحليم محمود.
- طبقات ابن سعد.
- من عيون الشعر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق