دعاء خاشع وابتهال عذب:
لا بد للمسلم من وقفة ذليلة بين يدي ربه يدعوه، ولا بد للمؤمن ِ من وقت يناجي ربه ويبتهل إليه، إذ أن الابتهال والدعاء كوقود يُعين على مصاعب الحياة، وجندي مساند للمسلم في مواجهة المصائب.
ولأن الدعاء صلة بين العبد وربه، فهو تذكرة للعبد بأن يبقى على شرع الله سائر، ولأمر الله فاعل، ولنهي الله نافر، ولما يصيبه صابر وصابر.
وهذا دعاء خاشع وابتهال عذب مُفيد إن شاء الله ، والله أعلم:
اللهم أفضلتَ فعممْ إفضالك، وأنعمتَ فتممْ نوالك، وغفرتَ الذنوب فتكامل إحسانك، وسترتَ العيوبَ فتواصلَ غفرانَك.
اللهم لكَ الحمد على عقلٍ ثقفتَه، ولك الحمدُ على فهمٍ وفقتَه، ولك الحمدُ على توفيقٍ هديتَه، جلَّ جلالُك وتعالى، وانْهلَّ جُودُك و توالى، وجرى رزقك حلالا، وتعاليتَ في دنوك، وتقربتَ في علوك، فلا يُدركُكَ وهمٌ، ولا يُحيط بك فهمٌ.
وتنزهتَ في أحديتِكَ عن بداية، وتعاظمتَ في إلهيتِك عن نهاية.
أنتَ الواحدُ لا مِن عدد، والباقي بعد الأبد، لك خضعَ مَن ركعَ،كما ذلَّ لك مَن سجدَ(قل هو الله أحد* الله الصمد *لم يلد ولم يولد* ولم يكن له كفوا أحد).
اللهمَّ ؛كيف يُحِيْطُ بكَ علمٌ خلقتَه، أم كيفَ يُدرِكُكَ بصرٌ أنتَ شققتَه، أم كيفَ يدنو منكَ فكرٌ أنتَ وفقتَه، أم كيف يَشكُرُكَ لسانٌ أنتَ أنطقتَهُ.
إذا تلمحت البصائر عادت بنور سلطانِكَ كليلة، وإذا تجمعت عظائم الجرائم كانت في جنبِ غفرانِكَ قليلة.
سبقتَ السبق فأنت الأول،وخلقتَ الخلق فعليك المُعَوَّل،وعُدتَ إذ جُدْتَ يا خيرَ مَن تطوَّل.
عجباً لقلوبٍ كيف أحبَتْ سواك، ولأرواح كيف شكَرَت مَن لا يقدر على شيء لولاك، ولنفوس عَشِقَت عداك، ولأكفٍ جَمَعَتْ وبُسِطَت لأحد إلاك.
كيف يُناجيك في الصلوات مَن يعصيك في الخلوات،أم كيف يدعوك للمهمات مَن ينساك للشهوات.
إلهي كيف سكتتِ الألسن بالليل وقد قُلتَ هل مِن سائل، وكيف كَفَّتِ الأكف وسبيل الجود سائل، وكيف سها عن خطابِك مَن لا تعظه الوسائل، وكيف يبيعُ ما يبقى بما يفنى وإنما هي أيام قلائل.
يا روح القلوب أين طلابك، يا رب الأرباب أين أحبابك، يا نور السموات والأرض أين قُصادك،يا مسبب الأسباب أين عبادك؟
مَن الذي عاملَك بِلُبِّهِ فلم يربح؟ ومَن الذي جاءك بِكَرْبِهِ فلم يفرح؟
أيُّ صَدْرٍ صدرَ عن بابِك الكريم فلم يُشْرَح؟
مَن ذا الذي لاذَ بجنابِك العلي فاشتهى أن يَبرَح؟
واهاً لقلوبٍ مالتْ إلى غيرِك الذي أرادت منك، ولنفوسٍ تحب الراحة هلا طلبَتْ منك واستفادتْ، ولعزائمَ سعَتْ إلى مرضاتِك مَن ذا الذي ردَّها فعادَتْ.
سَبَقَتْ أقدارُكَ فبَطَلَت الحيل، وجرى مِقدَارُكَ فلم يَنفعِ العمل،وتَقَدَمَتْ محبتك قبل خلقِهم في الأزل،وغَضِبْتَ على قومٍ فلم ينفع مطيعَهم ما فعل.
فلا حول مِن عصيانِك إلا بإرادتِك، ولا قوةَ على طاعَتِكَ إلا بإعانَتِكَ، ولا منجا منك إلا إليك، ولا خيرَ يُرجَى إلا في يديك.
يا مَن بيد القلوب أصلحْ قلوبَنا، ويا مَن قَلَّتْ في حلمِهِ الذنوب اغفرْ ذنوبَنا، ويا مُصْلِحِ الأسرار صفِّ أسرارَنا ، ويا مُزيحَ الأكدارِ عَفِّ أكدارَنَا.
قد أتيناكَ طالبين، فلا تردنا خائبين، وجئناكَ تائبين فاجعلنا برضاكَ آمِنين، وحضرنا ببابكَ سائلين فلا تجعلنا إلى غيرك مائلين.
اللهم أصلحْ كل قلبٍ منا قسى فعسى أن يلين، واسْلُكْ بنا منهاج المتقين، وألبسنا خُلَعَ الإيمان واليقين، وحَصِنَّا بدروع الصدق فإنهن يقين،ولا تجعلنا ممَن يُعاهِد على التوبة فيَكَذِب ويميل، وانقلنا مِن أهل الشمال إلى أهل اليمين، يا أرحم الراحمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق