الشعر الجاهلي
الشعر الجاهلي و نشأته :
ظهر مصطلح الشعر الجاهلي مع بداية العصر الإسلامي نسبةً إلى العصر الجاهلي أي الفترة الزمنية التي سبقت انتشار الإسلام. ولقد عرف العرب الشعر وبرعوا فيه، وكان هدفهم منه التمجيد والتغنّي والاعتزاز بقبائلهم والتفاخر بأنفسهم وبصفاتهم التي عرفوا بها كالشهامة والكرم والمروءة والفروسيّة والشجاعة. ونتيجة لانتشار الشعر بين العرب حينها، أُنشئت الأسواق الأدبيّة التي اختصّت بالشعر كما اعتنت بالأدب والخطابة. وكان من أشهرها سوق عكاظ أي سوق الفخر لأنّ العرب كانوا يتعاكظون به (يتفاخرون في قول الشعر).
البحور الشعريّة في الشعر الجاهلي :
كانت فصاحة العرب في ذلك الوقت طاغية على كلامهم، ولم يكونوا محتاجين لبحور شعريّة ينظمون عليها قصائدهم. بل أنّ بحور الشعر التي نعرفها اليوم اشتقت من أشعارهم، ووُضعت فيما بعد على يد الخليل بن أحمد الفارابي الذي كان له الفضل في كشف علم العروض كلّه عدا بحر المتدارك المحدث الذي وضعه الأخفش الأوسط،
أنواع الشعر الجاهلي :
يمكن أنقسّم الشعر الجاهلي إلى سبعة أنواع : شعر الغزل، شعر المدح، شعر الهجاء، شعر الرثاء، شعر الاعتذار، شعر الفخر والحماسة وشعر الوصف.
شعر الغزل :
لقد تربّع الغزل على عرش الشعر في العصر الجاهلي وتكاد لا تخلو قصيدة من الغزل حتى وإن لم يكن هو الغرض الأساس فيها واقتصرت أغلب القصائد الغزليّة على وصف الجمال الخارجي للمرأة كجمال الوجه والجسم وكان الشعراء يتفنّنون بوصف هذا الجمال لكنّهم قلّما تطرّقوا إلى وصف ما ترك هذا الجمال من أثر في عواطفهم ونفوسهم.
ويمكن تصنيف الغزل في هذا العصر إلى قسمين:
- الغزل الصريح : وهو غزل صريح يصف جسد النساء ومفاتنهن وغريزة الرجال نحوهن، ويسمى أيضا بالغزل الفاحش والذي يتزعّمه الشاعر امرؤ القيس.
- الغزل العفيف : هو الغزل السائد في العصر الجاهلي بكثرة، حيث كان يصّور حياء المرأة وعفّتها وأخلاقها الجميلة، وقد تميّز هذا النوع من الغزل بكونه كان رفيع المستوى، يصوّر حياء وعفاف المرأة. وقد اشتهر أكثر في العصر الأموي، وكثيرون هم شعراء هذا الغزل، وقد اقترنت أسماؤهم بأسماء محبوباتهم، مثل عروة بن حزام وعفراء، وعنترة بن شداد وعبلة.
شعر المدح :
اختلف الشعراء في أسلوب المدح الذي اتبعوه، فمنهم من مدح من يستحق مدحه دون رياء أو طمعاً في العطاء مثل زهير بن أبي سلمى، ومنهم من ركّز على مدح الملوك والأغنياء طمعاً في العطاء مثل الأغشى.
انقسم المدح في الشعر الجاهلي إلى نوعين:
- مدح صادق : وهو مدح نابع من عاطفة قوية تجاه الممدوح، ويتم مدحه بما فيه دون رياء أو طمعاً في العطاء. مثل زهير بن أبي سلمى.
- مدح من أجل المال : الذي كان مقتصراً على الشعراء الذين ركّز على مدح الملوك والأغنياء بما ليس فيهم من أجل العطاء، واشتهرت فيه كثرة المبالغة مثل الأعشى.
شعر الهجاء :
بسبب الحروب والمنازعات والعصبيّات القبليّة، ظهر الهجاء كنوع من أنواع الشعر في العصر الجاهلي. وكان من أهمّ ميزات هذا النوع من الشعر في ذلك العصر أنّه كان عفيفاً مهذّباً خالياً من السبّ والشتم. ولقد نظّم بعض الشعراء الشعر بأسلوب الهجاء، والذي قام على التهديد والوعيد للأعداء بما يلحق في قلوبهم الرهبة والخوف أكثر ممّا تفعله السيوف والحروب.
شعر الرثاء :
وهو الشعر الذي كان يعبّر فيه الشعراء عن حزنهم وبكائهم وعويلهم تجاه موت شخص قريب لهم وعزيز عليهم، حيث كانوا يركّزون في هذا الشعر على بقاء أحزانهم مستيقظة لذرف المزيد من الدموع والنحيب.
شعر الاعتذار :
لفقد نشأ هذا النوع متفرعاً من المدح وأخذ صفات الممدوح مطيّة له تميّز الاعتذار بتداخل عاطفة الخوف والشكر والرجاء والتلطّف والتذلّل والاسترحام وإظهار الحرص على المودّة. ويُعتبر النابغة الذبياني مؤّسس هذا النوع من الشعر الجاهلي.
شعر الفخر والحماسة :
الفخر والحماسة يشملان الفخر بالكرم والشجاعة والعفاف والصدق والفخر بالنفس والفخر بالقبيلة.وقد كان الشعراء يتنافسون في مدح القبائل بقصائد فيها نوع من المبالغة. أمّا الحماسة (في الجاهليّة) هي الشعر الذي يتحدّث عن تشجيع أفراد القبيلة لقتال العدو، وهـو يمثل حقيقة الصراع القبلـي علـى أرض الجزيرة، وما يحدث مـن وقائع بين تلك القبائل. ومن أشهرها أشعار عمرو بن كلثوم.
شعر الوصف :
لقد اشتهر شعر الوصف كثيراً في هذا العصر، وامتاز بالطّابع الحسي، ودقّة الملاحظة، وصدق النظرة. فكان الشاعر الجاهلي يصّور أي شيء تقع عليه عيناه، كالجبال والصحراء والحيوانات مثل الإبل والخيل. وبرز في هذا اللون من الشعر عميرة بن جعل إومرؤ القيس .
المعلقات وشعراء الجاهليّة :
تمتاز المعلّقات بطولها وأفكارها المتماسكة وألفاظها الجزلة، وتعتبر من أهمّّ إنتاجات الشعر الجاهلي، وقد سميّت بهذا الاسم لأنّها تعلّق على جدار الكعبة. و قد اشتهرت من بينها عشرة معلّقات، ظلت متداولة، وهي :
- قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ امرؤ القيس
- لخولة أطلال ببرقة ثهمد طرفة بن العبد
- آذَنَتنَـا بِبَينهـا أَسـمَــاءُ الحارث بن حلزة
- أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ زهير بن ابي سلمى
- أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا عمرو بن كلثوم
- هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ عنترة بن شداد
- عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَـا لبيد بن ربيعة
- وَدْع هُريّرةَ إنْ الركبَ مُرتَحِلُ الأعشى
- أَقفْرُ مِنَا أهلهُ مَلحُوب عبيد بن الأبرص
- يا دارَ مَيّة َ بالعَليْاءِ، فالسَّنَدِ النابغة الذبياني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق