إسحاق نيوتن
ولد "إسحق نيوتن" في انجلترا عام 1642من ومن العجيب أنّ مولد هذا العبقريّ الّذي أضاءت عبقريّته الدنيا وكشفت أهمّ قوانين الكون وألغازه لم يكن من الأحداث السعيدة لأسرته. فقد مات والده قبل مولده بعدّة أسابيع قليلة، ولم تتوقّع الأسرة للمولود اليتيم أن يعيش طويلا، لأنّه قد وُلد ضعيف البدن، مشوّه الأعضاء، مضطرب القلب والتنفّس، وكانت نحافته البالغة من بواعث الأسى والحزن والسخريّة معا.
ومع ذلك، قُدّر للمولود اليتيم أن يحيا، وأن يتعافى، ولكنّه شبّ في عزلة عن أقرانه بسبب خجله من عدم تناسق أعضاء جسده، ولم تلبث والدته أن تزوجت للمرّة الثانية، وهكذا انتقل "نيوتن" للعيش في كنف جدّته في ريف إنجلترا، وفي قرية "ولثورت" نشأ "نيوتن" محبّا للطبيعة، وقد دفعته عزلته عن أقرانه إلى التعمّق في التفكير والتأمل في ظواهر الطبيعة، وكان شروده الدائم مبعث سخريّة أقرانه، وكثيرا ما كان هذا الشرود سببا في اتهام "نيوتن" بالبلاهة والغباء، كما كان عدم اهتمامه بهندامه ومظهره العام سببا إضافيّا في سخرية الناس منه، وقد ظلّت هذه السخريّة تلاحقه وتطاره حتى آواخر أيامه وحتى بعدما أصبح ذائع الصيت بعد نشر كتابه الّذي أحدث ثورة هائلة في الأوساط العلميّة.
على أنّ "نيوتن" العبقريّ الصغير لم يكن يأبه لاتهامات أقرانه ونظراتهم الساخرة وأقوالهم الجارحة، فقد كان شروده تأمّلا عميقا في العالم والطبيعة والكون، وهو يعلم في قرارة نفسه أنّه يختلف عن هؤلاء الصبية الّذين لا هَمّ لهم سوى اللهو والتسلية ومضيعة الوقت، ولكن "نيوتن" كان يجد العزاء في تشجيع جدّته له، فهي الوحيدة في الأسرة كلّها الّتي تؤمن بنبوغه ونباهته، ولذلك قرّرت الجدّة إرساله إلى المدرسة.
والتحق "نيوتن" بالفعل بإحدى المدارس، إلاّ أنّ سخرية الأقران والزملاء ظلّت تلاحقه، وأبدت هيئة التدريس رأيا لا يختلف عن رأي الأقران في "نيوتن"، كانت الهيئة ترى أن "نيوتن" الصغير لا يصلح لتلقي العلم، واتهمته الهيئة بالغباء والبلاهة، واستندت في رأيها الظالم إلى أن "نيوتن" لا يلتفت إلى الدروس ويكثر من الشرود ولا يهتمّ بالنظام.
وزادت سخريّة الأقران والزملاء بعد علمهم برأي هيئة التدريس، وانقلبت السخريّة إلى محاولة للتحرّش بنيوتن.. عندئذ تحوّل الفتى الضعيف البنية إلى أسد صغير، وراح يفتك بكلّ من حاول الاعتداء عليه، لقد أدرك "نيوتن" أنّ صمته وخجله وعزلته ستكون كلّها من العوامل الّتي تؤدّي بالآخرين إلى انتهاك كرامته، لذلك قرّر أن ينفض عنه الخجل، وأن يحطّم جدران العزلة وأن يكرّس قيد الصمت، وفي اللحظة الّتي قرّر فيها أن يتحرّر من سجنه انقضّ على الفتى الّذي تحرّش به - رغم أنّه يكبره جسما - وطرحه أرضا وضربه ضربا مبرحا، ولم يتوقّف عن الضرب إلاّ بعد أن شعر أنّه قد ثأر لكرامته.
إلاّ أن الأمر لم ينته عند إنتصار "نيوتن" الجسدي على أقرانه، وثأره لكرامته المهانة، إذ كان "نيوتن" قد قرّر أن ينتصر على الجميع انتصارا من نوع آخر، لقد قرّر في نفسه أن يتفوق على الجميع في الدراسة لكي يثبت للزملاء، ولهيئة التدريس أيضا، أنّهم جميعا مخطئون.
وبدأ "نيوتن" يهتمّ بالدروس، ويحافظ على النظام، وسرعان ما تغيّرت نظرة هيئة التدريس إليه، ودهش الجميع عندما حقّق "نيوتن" التفوّق المنشود، ودهشوا أكثر عندما أصبح "نيوتن" على رأس قائمة الأوائل في المدرسة.
كان "نيوتن" في هذه المرحلة تُسَيطر عليه روح التحدي والإصرار والعناد، ولقد توسّل إلى تحقيق هدفه بعزيمة لا تلين، وإرادة لا تنثني ولا تهن، وكان الإصرار هو الشعلة الّتي تتقد في داخله أبدا حتى لا يهدأ ولا يغفل عن تحقيق هدفه.
وفي النهاية وصل "نيوتن" إلى مبتغاه"، وحصل على الثانويّة، وكانت تقديراته ممتازة، وقد شهدت له هيئة التدريس بالتفوّق والنبوغ والذكاء.
وفي الوقت الّذي غلب التفكير فيه على "نيوتن" في المستقبل الّذي يحلم به ويتمنّاه لنفسه، وصلت الأخبار تحمل نبأ وفاة زوج أمه، ولم يهتز "نيوتن" لسماع هذا النبأ بقدر ما آلمه طلب والدته منه بأن يترك الدراسة لكي يهتم بالمزرعة، ويباشر أعمالها خلفا لوالده.
وهكذا ماتت كلّ أحلام المستقبل وأمانيه الجميلة، واضطر "نيوتن" إلى ترك الدراسة والتفرّغ لمتابعة أعمال المزرعة، لكنّه لم يستطع أن يقتل في نفسه حبّه الشديد للقراءة وولعه المستبد بمعرفة أسرار الكون والطبيعة، لذلك كان "نيوتن" ينتهز الفرص ليهرب إلى الخلاء ويقضي الوقت متأمّلا أو مستغرقا في قراءة الكتب العلميّة، وكان ولعه الشديد بمعرفة أسرار عمل الأشياء يدفعه في كثير من الأحيان إلى تقليدها أو إلى صناعة مثيلاتها، فقد صنع ذات يوم طاحونة صغيرة، ثم قام بصنع ساعة مائيّة، ثم عربة ميكانيكيّة، وكانت الأعمال اليدويّة والفنيّة هي هوايته المفضّلة الّتي يقضي معها أغلب أوقات الفراغ، فلم يكن "نيوتن" كالأطفال تستهويه الألعاب الصبيانيّة.
إلاّ أن القراءة والأعمال الإنشائيّة لم تستطع أن تمحو الحسرة من قلب "نيوتن"، فقد ظلّ حلمه بالتفوّق ومواصلة التعليم الجامعي يسيطر عليه ويستبد بقلبه وعقله وكيانه، وقد لاحظ خاله تلك الحالة من الحزن وعرف سببها ووعد "نيوتن" بمحاولة إقناع والدته لإعادته إلى المدرسة، وبالفعل نجح الخال في مهمته والتحق "نيوتن" بجامعة "كمبردج" عام 1660.
ولم يلبث "نيوتن" أن نبغ في الرياضيات نبوغا لم يسبقه إليه أحد من قبله، بل إنّ "نيوتن" قد توصّل بعبقريته الفذّة الفريدة إلى ابتكارات حسابيّة ورياضيّة بطرق لم تكن معروفة من قبله، لكنّه فضّل عدم نشر هذه الاكتشافات في وقتها حتّى يتمكّن من تطويرها في سريّة وهدوء.
وهكذا صدقت نبوءة خال "نيوتن" الّذي كان قد قال له ذات يوم :
- إنّ أمرك لا يخلو من شيئين : إمّا أن تكون عبقريّا فذا، وإمّا تصير متسكّعا قذرا.
ولقد أثبت "نيوتن" للجميع عبقريته الفذّة.
تفاحة نيوتن
المبادئ الأساسيّة للفلسفة الطبيعيّة
قوانين الحركة
عبقريّة نيوتن
راهب العلم
الفشل الوحيد
أهمّ انجازات نيوتن
المبادئ الأساسيّة للفلسفة الطبيعيّة
قوانين الحركة
عبقريّة نيوتن
راهب العلم
الفشل الوحيد
أهمّ انجازات نيوتن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق